تحل اليوم الأربعاء الذكرى 103 لانطلاق انتفاضة الريف بقيادة المناضل الوطني البارز محمد عبد الكريم الخطابي ضد الاحتلال الإسباني، والتي جسدت بشجاعتها معركة أنوال التاريخية في الـ21 من يوليو 1921.
عاش الريف في تلك الفترة حقبة من المعاناة والصراع ضد التوغل الإسباني في مناطقه النائية. ولكن بداية المقاومة الفعلية للريفيين ضد الاستعمار تمت في الـ12 من يوليوز من نفس العام.
قبل عام 1921، لم تحقق إسبانيا تقدما كبيرا في الريف، بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى (1914-1918) والمقاومة المستميتة للأهالي. ولكن بعد انتهاء الحرب في أوروبا، أحيا الجيش الإسباني محاولاته لاحتلال أراضي قبيلة “بني ورياغل” في قلب الريف، مما أشعل نار المقاومة في نفوس المئات الذين انضموا للقتال إلى جانب الخطابي.
تعود جذور الصراع في الريف إلى الانقسامات الاستعمارية الأوروبية والتقسيم الاستعماري للمغرب بين فرنسا وإسبانيا. بدأ التقسيم الاستعماري بعد إجبار المغرب على قبول معاهدة فاس في 30 مارس 1912، التي تنازل بموجبها السلطان عبد الحفيظ عن سيادة المغرب.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، اتهمت إسبانيا الخطابي بالتخابر مع ألمانيا، وتم احتجازه في عام 1917. لكنه عاد إلى مدينة أجدير ليبدأ في تنظيم وتوحيد القبائل ضد الاحتلال الإسباني.
وعندما استؤنفت الحملات العسكرية الإسبانية، تواصل الخطابي مراسلة الإسبان، محذرًا من اقترابهم من “وادي أمقران”. لكن استهان الجنرال مانويل فرنانديز سلفستري بهذه الرسالة ولم يعتبرها جادة.
في أواخر مايو 1921، تعرض الجنرال ورفاقه في السلاح لأول هزيمة على يد الريفيين في اشتباك عسكري قبل المعركة الكبرى في أنوال.
عاد الجنرال فرنانديز لتجميع قواته والتوغل من جديد. وفي الـ21 من يوليو من نفس العام، جمع الخطابي نحو 3000 مقاتل في استراتيجية “حرب العصابات” لإرهاق الجيش الإسباني الذي كان يعد حينها بحوالي 60 ألف جندي.
وخلال خمسة أيام فقط، تمكن الريفيون من هزيمة الجيش الإسباني وتتبعهم في واحدة من أكبر هزائمه التاريخية في منطقة أنوال، التي تقع ضمن الحدود الجغرافية الحديثة لإقليم الدريوش.
شهد يوليو 1921 بمثابة “شهر الهزائم” الإسبانية في الريف المغربي. وحسب المؤرخين، بلغت خسائر القوات الإسبانية 19 ألف قتيل و4300 جريح و570 أسير، مقابل 500 قتيل و600 جريح في صفوف المقاومة الريفية.
استمرت المقاومة الريفية حتى أبواب مدينة مليلية، وهي جيب إسباني في شمال المغرب. وبعد انتصار الخطابي وتوحيد صفوف القبائل الريفية، أعلن إقامة إمارة مستقلة في الريف استمرت لمدة خمس سنوات (1921-1926).
وفي نهاية المطاف، استطاعت إسبانيا احتلال الريف بعد استسلام الخطابي في مايو 1926، وذلك بعد تحالفها مع فرنسا.
يؤكد المؤرخون أن إسبانيا لم تستطع إخضاع الريف إلا بعد استخدامها للأسلحة الكيميائية، وهو الأمر الذي يثير الجدل حتى اليوم في المغرب وإسبانيا.